... الحمد لله رب العالمين ...
... والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين .. نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
... أهلاً وسهلاً بكم في ( منتدي الدعـوة والإرشـاد)
هي صلاة يؤدّيها المسلم في كل ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك
بعد صلاة العشاء وقبل صلاة الوتر. عدد ركعات صلاة الوتر ثماني ركعات
وتصلى ركعتين ركعتين. يقرأ الإمام الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم في
كل ركعة ويسلم كل ركعتين ثم يستريح الإمام والمصلون كل أربع ركعات.
وقد حرص الرسول عليه الصلاة والسلام على تأدية صلاة التراويح ولم يتركها
إلا مرّات معدودة.
_ لماذا ترك الرسول عليه الصلاة والسلام تأدية صلاة التراويح؟
تركها الرسول عليه الصلاة والسلام بعض مرّات حتى لا تفرض على الناس
فتصبح كالصلوات الخمس المفروضة.
مشروعيةُ صلاةِ التراويح
عن زَيدِ بنِ ثَابتٍ قَالَ «احتَجَرَ رَسُولُ الله حُجَيرَةً مُخَصَّفَةً - أو حَصِيرَاً - فَخَرَجَ رَسُولُ الله يُصَلِّي فيهَا فَتَتَّبعَ إليه رِجَالٌ وجَاؤُوا يُصَلُّون بِصَلاتِهِ، ثمَّ جَاؤُوا لَيلَةً فَحَضَرُوا وَأَبطَأَ رَسُولُ الله عَنْهُم فَلَم يَخرُجْ إِلَيْهم فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُم وحَصَبُوا البَابَ، فَخَرجَ إِلَيْهِم مُغضَبَاً فَقَالَ لهم رَسُولُ الله : ما زَالَ بِكُم صَنِيعُكُم حتَّى ظَننتُ أنَّه سَيُكْتَبُ عَلَيكُم، فَعَليكُم بالصَّلاةِ في بُيُوتِكُم فإنَّ خَيرَ صَلاةِ المَرءِ في بَيتِهِ إلا الصَّلاةَ المَكتوبةَ» متفق عليه.
وَفي رِوَايةٍ: «خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُم مَا قُمْتُمْ».
الفوائد والأحكام:
الأول:... زُهْدُ النَّبيِّ في الدُّنيَا؛ حتَّى إِنَّهُ يَتَّخِذُ أَبْسَطَ الأَثاثِ والمَتَاع.
الثاني:... كَثرَةُ عِبَادَةِ النَّبيِّ لِربِّهِ عزَّ وجَلَّ، مَعَ أنَّه مَغْفُورٌ لَه مَا تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ ومَا تَأَخَّر.
الثالث:... حِرصُ الصَّحَابَةِ رَضيَ الله عَنْهُمْ عَلى الخَيرِ، وتَأَسِّيهِم بالنَّبيِّ .
الرابع:... فَضِيلَةُ قِيامِ اللَّيلِ عَامَّةً، وفي رَمَضَانَ خاصَّةً.
الخامس:... جَوَازُ صَلاةِ النَّافِلَةِ في المَسْجِدِ.
السادس:... أنَّ صَلاةَ التَّراوِيحِ في رَمَضَانَ من سُنَّةِ النَّبيِّ الَّتي فَعَلهَا، ثمَّ تَرَكَهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفرَضَ على الأُمَّةِ، ثمَّ أَحْيَاها عُمَرُ بَعْدَ ذَلك.
السابع:... أنَّ القَائِدَ أو الأَميرَ إذا فَعلَ شَيئاً خِلافَ ما اعْتَادَ مِنهُ أَتبَاعُهُ فَينبَغِي أنْ يَذْكُرَ لَهم عُذْرَهُ وحُكْمَهُ والحِكْمَةَ فيهِ كَمَا فَعَل النَّبيُّ .
الثامن:... شَفَقَةُ النَّبيِّ عَلى أُمَّتِهِ وَرَحْمَتُهُ بِهم، وتَخْفِيفُهُ عَنْهُم فَجَزَاهُ الله عنَّا خَيرَ الجَزَاءِ، ويَنبغِي لِوُلاةِ الأُمورِ وكِبَارِ النَّاسِ المَتبوعِين في عِلْمٍ وغَيرِهِ الاقتِدَاءُ بِهِ في ذَلك.
التاسع:... أنه يَجوزُ تَركُ بَعضِ المَصَالِحِ لِدَرءِ المَفَاسِد، وتَقدِيمُ أهَمِّ المَصلَحَتَين.
العاشر:... أنَّ النَّوافِلَ إذا صُلِّيَت جَمَاعَةً فَلَيس لَها أَذَانٌ ولا إِقَامَةٌ، كمَا في صَلاةِ التَّراوِيح.
الحادي عشر:... أنَّ صَلاةَ النَّافِلَةِ في البَيتِ أَفضَلُ مِنْ صَلاتِهَا في المَسجِدِ، إلا مَا كانَت السُّنَّةُ فِيهِ الجَمَاعَةَ مِثْلَ: الاسْتِسقَاءِ والتَّراوِيحِ، فالأَفضَلُ أَنْ تُصَلَّى جَمَاعَة
14:44 - 2011/07/26: تمت الموافقة على المشاركة بواسطة رضاك ربي
أمينو الجزائري 14:46 - 07/26
فضل صلاة التراويح وتلاوة القرآن وختمه
س : ماذا عن التراويح وتلاوة القرآن وختم القرآن خلال شهر رمضان ؟
ج : لا ريب أن صلاة التراويح قربة وعبادة عظيمة مشروعة والنبي صلى الله عليه وسلم فعلها ليالي بالمسلمين ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك وأرشدهم إلى الصلاة في البيوت ثم لما توفي صلى الله عليه وسلم وأفضت الخلافة إلى عمر بعد أبي بكر رضي الله عنهما ورأى الناس في المسجد يصلونها أوزاعا هذا يصلي لنفسه وهذا يصلي لرجلين وهذا لأكثر قال لو جمعناهم على إمام واحد فجمعهم على أُبي بن كعب وصاروا يصلونها جميعا واحتج على ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) واحتج أيضا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليالي وقال إن الوحي قد انقطع وزال الخوف من فرضيتها ، فصلاها المسلمون جماعة في عهده صلى الله عليه وسلم ثم صلوها في عهد عمر واستمروا على ذلك ،
والأحاديث ترشد إلى ذلك ولهذا جاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم . ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بأسانيد صحيحة فدل ذلك على شرعية القيام جماعة في رمضان وأنه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين من بعده وفي ذلك مصالح كثيرة في اجتماع المسلمين على الخير واستماعهم لكتاب الله وما قد يقع من المواعظ والتذكير في هذه الليالي العظيمة ويشرع للمسلمين في هذا الشهر العظيم دراسة القرآن الكريم ومدارسته في الليل والنهار تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يدارس جبرائيل القرآن كل سنة في رمضان ودارسه إياه في السنة الأخيرة مرتين ، ولقصد القربة والتدبر لكتاب الله عز وجل والاستفادة منه والعمل به وهو من فعل السلف الصالح فينبغي لأهل الإيمان من ذكور وإناث أن يشتغلوا بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرا وتعقلا ومراجعة لكتب التفسير للاستفادة والعلم .
من برنامج ( نور على الدرب ) .
redtiger
خاتمة في رد شبهات حول عدد صلاة التراويح والتهجدفي العشر الأواخر من رمضان المبارك
مقال كتبه: صالح بن فوزان، نشر في مجلة الدعوة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد:
فممّا شرع الله في شهر رمضان المبارك صلاة التراويح، سميت بذلك لأنهم كانوا يصلون أربع ركعات ثم يستريحون، ثم يصلون أربعاً ثم يستريحون حتى يكملوها، ومعنى يصلون أربعاً، أي : مثنى كل ركعتين بسلام - والتراويح في شهر رمضان سنة مؤكدة بإجماع المسلمين سنها رسول الله صلى الله وعليه وسلم وصلاها بأصحابه ليالي، وصلاها أصحابه من بعده، واستمر عمل المسلمين على إقامتها جماعة في المساجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه، وأما عدد ركعاتها فليس فيه حد محدود، ولذلك اختلف العلماء في عددها.
والنبي صلى الله وعليه وسلم كان يرغب في قيام الليل ولم يحدد ركعات معينة، وكان صلى الله وعليه ويسلم يقوم بإحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة في رمضان وغيره، وكان الصحابة في زمن عمر يقومونه بثلاث وعشرون ركعة في صلاة التراويح، والعلماء منهم من يكثر ومنهم من يقل، والصحيح أن ذلك راجع لنوعية الصلاة فمن كان يطيل الصلاة فإنه يقلل من عدد الركعات كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلُ، ومن كان يخفف الصلاة رفقاً بالمأمومين فإنه يكثر عدد الركعات كما فعل الصحابة، وأما من يقول : إن الزيادة على إحدى عشرة ركعة في التراويح بدعة فهو قول مجازف فيه، وقائله لا يعرف ضابط البدعة، وقد حكم على فعل الصاحبة بأنه بدعة - ولا حول ولا قوة إلا بالله.وهذا من شؤم التسرع والقول على الله بلا علم.
وإما في العشر الأواخر من رمضان فإن المسلمين يزيدون من اجتهادهم في العبادة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فالذين يصلون ثلاثاً وعشرون ركعة في أول الشهر يقسمونها في العشر الأواخر فيصلون عشر ركعات في أول الليل يسمونا تراويح. ويصلون عشراً في أخر الليل يطيلونها مع الوتر بثلاث ركعات ويسمونها قياماً. وهذا اختلاف في التسمية فقط، وإلا فكلها يجوز أن تسمى تراويح أو تسمى قياماً. وأما من كان يصلى في أول الشهر إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة فإه يضيف إليها في العشر الأواخر عشر ركعات يصليها في آخر الليل ويطيلها اغتناماً لفضل العشر الأواخر وزيادة اجتهاد في الخير وله سلف في ذلك من الصحابة وغيرهم ممن كانوا يصلون ثلاثاً وعشرين كما سبق، فيكونون جمعوا بين القولين: القول بثلاث عشرة في العشرين الأول، والقول بثلاث وعشرين في العشر الأواخر، وهم في كلتا الحالتين لم يخرجوا عن السنة - والله الحمد - عكس ما يدعيه بعض المتسرعين في الأحكام من إنكار الزيادة على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة في كل رمضان، وقد وقفوا في حيرة من أمرهم في العشر الأواخر فلا يدرون هل يصلون إحدى عشرة أو الثلاث عشرة التي لا يرون الزيادة عليها في أول الليل ويعطلون آخره أو يصلونها في آخره ويعطلون أوله أو يقسمونها بين أوله وآخره فيكون نصيب كل من الوقتين قليلاً.
وقد شوشوا على الناس وحصل بسبب ذلك نزاعات بين جماعات المساجد، وهذا الصنف من الأئمة لو أنهم سلكوا منهج السلف في ذلك والذي كان تتمشى عليه هذه البلاد وعلماؤها وهو صلاة ثلاث وعشرين ركعة في العشر الأواخر تقسم بين أول الليل وآخره، لزال الإشكال وحصل الخير الكثير، وأما العشرون الأول فالأفضل لمن يطيل الصلاة أن يقتصر على ثلاث عشرة ركعة، أو إحدى عشرة ومن يخفف أن يصلى ثلاثاً وعشرين ركعة.
هذا ولا بد من التنبيه على خطأ يرتكبه بعض أئمة المساجد عن اجتهاد منهم، وهو أن بعضهم يصلى أربع ركعات من التراويح أو التهجد بسلام واحد محتجاً بقول عائشة رضى الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن) "أخرجه البخاري رقم 1147، ومسلم رقم 738" الحديث . وظنوا أنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع الأربع بسلام واحد فصاروا يفعلونه، وهذا غلط منهم، لأن مراد عائشة رضى الله عنها أنه كان يصلي الأربع بسلامين ثم يستريح، ثم يصلي الأربع الأخرى بسلامين ثم يستريح . بدليل حديثها الآخر: (كان النبي صلى الله وعليه وسلم يصلى من الليل إحدى عشرة ركعة يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة). وقوله صلى الله عليه وسلم (صلاة الليل مثنى مثنى) [أخرجه البخاري رقم 1137، ومسلم رقم 749، 751]. والأحاديث يفسر بعضها بعضاً - والله أعلم وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وهذه بعض أجوبة علماء نجد وغيرهم عن عدد ركعات التراويح والتهجد في العشر الأواخر ودعاء الختم والقنوت، ننقلها بمناسبة أن بعض الناس حصل منهم بعض الخلل في ذلك واستنكار لدعاء القنوت ودعاء الختم.
أ - عدد ركعات التراويح :
1- سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عن عدد التراويح فإجاب : الذي استحب أن تكون عشرين ركعة.
2- وأجاب ابنه الشيخ عبد الله رحمهما الله : الذي ذكره العلماء رحمهم الله أن التراويح عشرون ركعة، وأن لا ينقص عن هذا العدد إلا أن يزيد في القراءة بقدر ما ينقص من الركعات، ولهذا اختلف عمل السلف في الزيادة والنقصان. وعمر رضى الله عنه لما جمع الناس على أبي بن كعب صلى بهم عشرون ركعة.
3- وأجاب الشيخ عبد الله أبابطين: وأما صلاة التراويح أقل من العشرين فلا بأس. والصحابة رضى الله عنهم منهم من يقل منهم من يكثر، والحد المحدود لا نص عليه من الشارع صحيح.
ب- كيفية الصلاة في العشر الأواخر.
، 2014 ومسلم رقم 759، 760]. وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (فرض الله عليكم صيام رضمان، وسننت لكم قيامه).
وفي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دخل العشر أحيا ليل وأيقظ أهله وشد المئزر). وصلى صلى الله عليه وسلم ليلة من رمضان جماعة في أول الشهر وكذلك في العشر. وفي صحيح مسلم عن أنس قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في رمضان فقمت إلى جنبه فجاء رجل آخر فقام أيضاً حتى كنا رهطا فلما أحس أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة ثم دخل رحله فصلى صلاة لا يصليها عندنا فقلت له حين أصبح : فطنت لنا الليلة؟ قال : نعم ذلك حملني على ما صنعت) وعن عائشة قالت : صلى رسول الله صلى الله وعليه وسلم في المسجد ، فصلى بصلاته أناس كثير، ثم صلى من القابلة فكثروا، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال : (قد رأيت صنيعكم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا خشية أن يفرض عليكم) [تقدم]. وذلك في رمضان.
أخرجاه في الصحيحين، وفي السنن عن أبي ذر رضى الله عنه قال : (صمنا مع رسول الله صلى الله وعليه وسلم، فلم يقم بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام في الخامسة حتى ذهب شطر الليل ، فقلنا : لو نفلتنا ببقية ليلتنا هذه . فقال : (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام الليلة) [تقدم] ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصلى بنا في الثلاثة ودعا أهله ونساءه، وقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قيل : وما الفلاح؟ قال : السحور). صححه الترمذي، واحتج الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث أن فعل التراويح جماعة أفضل، وقال شيخ الإسلام تقى الدين رحمه الله: وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)، ترغيب في قيام رمضان خلف الإمام، وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة، وكان الناس يصلونها جماعات في المسجد على عهد صلى الله عيه وسلم ، وإقراره سنة منه صلى الله وعليه وسلم . انتهى. فلما تقرر أن قيام رمضان وإحياء العشر الأواخر سنة مؤكدة وأنه في جماعة أفضل، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يوقت في ذلك عدداً علمنا أنه لا توقيت في ذلك، وفي الصحيحين عن عائشة قالت : (ما كان رسول الله صلى الله عليهوسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) [أخرجه البخاري رقم 1147 ومسلم 738]، وفي بعض طرق حديث حذيفة الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة البقرة والنساء وآل عمران أنه لم يصل في تلك الليلة إلا ركعتين وأن ذلك في رمضان، وروي عن الصحابة رضى الله عنهم في التراويح أنواع واختلف العملاء في المختار منها مع تجويزهم لفعل الجميع، فاختار الشافعي وأحمد عشرين ركعة، مع أن أحمد نص علي أنه لا بأس بالزيادة، وقال : روي في ذلك ألوان ولم يقض فيه بشئ، وقال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يصلي في رمضان ما لا يحصى من التراويح، واختار مالك ستا وثلاثين ركعة. وحكي الترمذي عن بعض العلماء اختيار أحدى وأربعين ركعة مع الوتر، قال : وهو قول أهل المدينة والعمل على هذا عندهم بالمدينة، وقال إسحاق بن إبراهيم: نختار إحدى وأربعين ركعة على ما روي عن أبي بن كعب، قال الشيخ تقي الدين: والتراويح إن صلاها كمذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد عشرين ركعة أو كمذهب مالك ستا وثلاثين أو ثلاث عشرة أو إحدى عشرة فقد أحسن كما نص عليه أحمد لعدم التوقيت، فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره، وقد تقدم قول عائشة: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة، وقولها: كان إذا دخل العشر أحيا ليله، وفي الموطأ عن السائب بن يزيد قال : أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصى من طول القيام، وفي الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر قال : سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام فتتعجل الخدم بالطعام مخافة فوت السحور، وروى أبوبكر بن أبي شيبة عن طاوس قال : سمعت ابن عباس يقول: دعاني عمر أتغدى عنده، قال أبو بكر يعني : السحور في رمضان، فسمع هيمة الناس حين خرجوا من المسجد، قال : ما هي ؟ قال : هيمة الناس حين خرجوا من المسجد. قال ما بقي من الليل خير مما ذهب منه.
وروى ابن أبي شيبة عن روقة كان سعيد بن جبير يؤم بنا في رمضان فيصلي بنا عشرين ليلة ست ترويحات فإذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد فصلى بنا سبع ترويحات، فتبين بذلك أن الصحابة والتابعين كانوا يمدون الصلاة إلى قرب طلوع الفجر.
والظاهر من مجموع الآثار أن هذا يكون منهم في بعض الليالي دون بعض، ويحتمل أن يكون ذلك في العشر الأواخر لما ذكرنا من حديث أبي ذر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بهم في العشر ليلة إلى نصف الليل، وليلة إلى أن خافوا السحور، ولما لم يخرج إليهم في بعض الليالي اعتذار إليهم بأنه خشي أن يفرض عليهم، فما أعظم جراءة من يقول: إن مد الصلاة في العشر إلى آخر الليل بدعة مع ما قدمنا من الأحاديث والآثار، قال ابن القيم رحمه الله : اختلف قول الإمام أحمد في تأخير التراويح إلى آخر الليل، فعنه: إن أخروا القيام إلى آخر الليل فلا بأس ، كما قال عمر : فإن الساعة التي ينامون عنها أفضل ، ولأنه يحصل قيام بعد رقدة، قال الله تعالى { إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل : 6] وروى عنه أبو داود: لأن يؤخر القيام إلى أخر الليل سنة المسلمين أحب إلى ، ووجهه فعل الصحابة، ويحمل قول عمر على الترغيب فس صلاة آخر الليل لا أنهم يؤخرونها انتهى. فانظر قوله : ليواصلوا قيامهم إلى أخر الليل، فهلا قال : إن مواصلة القيام إلى آخر الليل بدعة.
فصل
إذا تبين أنه لا تحديد في عدد التراويح وأن وقتها عند جميع العلماء من بعد سنة العشاء إلى طلوع الفجر، وأن إحياء العشر سنة مؤكدة، وأن النبي صلى الله وعليه وسلم صلاه ليالي جماعة كما قدمنا، فكيف ينكر على من زاد في صلاة العشر الأواخر عما يفعلها أول الشهر، فيصلي في العشر أول الليل كما يفعل في أول الشهر أو قليل أو كثير من غير أن يوتر، وذلك لأجل الضعيف لمن يحب الاقتصار على ذلك، ثم يزيد بعد ذلك ما يسره الله في الجماعة، ويسمى الجميع قياماً وتراويح، وربما اغتر المنكر لذلك بقول كثير من الفقهاء: يستحب أن لا يزيد الإمام على ختمه إلا أن يؤثر المأمومون الزيادة، وعللوا عدم استحباب الزيادة على ختمه بالمشقة على المأمومين لا كون الزيادة غير مشروعة، ودل كلامهم على أنهم لو آثرو الزيادة على ختمه كان مستحباً، وذلك مصرح به في قولهم إلا أن يؤثر المأمومون الزيادة.
وأما ما يجري على ألسنة العوام من تسميتهم ما يفعل أول الليل تراويح وما يصلي بعد ذلك قياماً فهو تفريق عامي، بل الكل قيام وتراويح، وإنما سمي قيام رمضان تراويح لأنهم كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات من أجل أنهم كانوا يطيلون الصلاة، وسبب إنكار المنكر لذلك لمخالفته ما اعتاده من عادة أهل بلده وأكثر أهل الزمان، ولجهله بالسنة والآثار، وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام، وما يظنه بعض الناس من أن صلاتنا في العشر هي صلاة التعقيب الذي كرهه بعض العلماء فليس كذلك لأن التعقيب هو التطوع جماعة بعد الفراغ من التراويح والوتر. هذا عبارة جميع الفقهاء في تعريف التعقيب أنه التطوع جماعة بعد الوتر عقب التراويح، فكلامهم ظاهر في أن الصلاة جماعة قبل الوتر ليس هو التعقيب، وأيضاً فالمصلي زيادة عن عادته في أول الشهر يقول الكل قيام وتراويح فهو لم يفرغ من التراويح.
وأما تسمية الزيادة عن المعتاد قياماً فهذه تسميع عامية، بل الكل قيام وتراويح، كما قدمنا وأن المذهب عدم كراهة التعقيب، وعلى القول الآخر فنص أحمد: أنهم لو تنفلوا جماعة بعد رقدة أو من آخر الليل لم يكره.
وأما اقتصار الإنسان في التراويح على إحدى عشرة ركعة فجائز لحديث عائشة : (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) [تقدم].... انتهى.
5- وأجاب أيضاً: وأما الاقتصار في التراويح على أقل من عشرين ركعة فلا بأس بذلك، وإن زاد فلا بأس. قال الشيخ تقى الدين: له أن يصلي عشرين كما هو المشهور في مذهب أحمد والشافعي. قال : وله أن يصلي ستا وثلاثين ركعة كما هو مذهب مالك، قال الشيخ : وله أن يصلي إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، قال : وكله حسن كما نص عليه الإمام أحمد، قال الشيخ: فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام وقصره. وقد استحب أحمد أن لا ينقص في التراويح عن ختمة يعني في جميع الشهر، وأما قوله سبحانه وتعالى : { كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } [الذاريات :17] فالهجوع: اسم للنوم بالليل، والمشهور في معنى الآية : أنهم كانوا يهجعون قليلاً من الليل ويصلون أكثر ، وقيل : المعتى أنهم لا ينامون كل الليل بل يصلون فيه إما في أوله أو في آخره، وأما الاستغفار فيراد به الاستغفار المعروف وأفضله سيد الاستغفار. وقال بعض المفسرين { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي : يصلون ، لأن صلاتهم بالأسحار لطلب المغفرة .... انتهى.
6- وأجاب الشيخ عبد الرحمن بن حسن : وأما إحياء العشر الأوخر من رمضان فهو السنة، لما جاء في حديث عائشة قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أيقظ أهله وأحيا ليله وجد وشد المئزر) [تقدم]. وفي الحديث الآخر: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) [تقدم] وصح ان النبي صلى الله عليه وسلم قام الليل كله حتى السحر، إذا عرفت ذلك فلا ينكر قيام العشر الأواخر إلا جاهل لا يعرف السنة .... انتهى.
منقول
redtiger
صلاة التراويح : فضائلها وأدابها للشيخ عبد الحليم توميات * حفظه الله *
كتـب المقال عبد الحليم توميات
الحمد لله الّذي شرع لنا الصّيام، ورغّبنا في التقرّب إليه بالقيام، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، واسع الجود والإكرام، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله وصفيّه وخليله، إمام المرسلين وسيّد الأنام، عليه أفضل الصّلاة وأزكى السّلام، أمّا بعد..
فيقول الله ( أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) الزمر
1-أنّه شرف المؤمن.. وكلّنا يبتغي الشّرف، غير أنّ أكثر النّاس ظنّوه بالمال والجاه، ولن يجده العبد إلاّ بين يدي ربّه ومولاه. روى الحاكم وغيره بسند صحيح عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ((جاء جبريل عليه السلام إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يَا مُحَمَّدُ! عِـشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيّ بِهِ، واعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ)).
وأعلى مقامات الشّرف أن ينسُبك الله إليه فيقول: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ) الفرقان: ٦٣ - ٦٥.. فسمّاهم عباد الرّحمن..
وممّا زادني شـرفا وتـيـها وكدت بأخـمُصـيّ أطأ الثريّا
دخولي تحت قولك: يا عبادي وأن صيّرت أحـمد لـي نبـيّا
لذلك كره النبيّ صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنه تركَه لقيام اللّيل، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ الرَّجُلُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي، فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ-أي عمودان تمدّ عليهما الخشبة-، وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ! فَلَقِيَنَا مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لِي: لَنْ تُرَاعَى، إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ.
فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ رضي الله عنها، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ)) فَكَانَ بَعْدُ لَا يَنَامُ مِنْ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا.
قال القرطبي رحمه الله -كما في "الفتح"-: "إنّما عرض على النار ثمّ عوفي منها وقيل له: لاَ رَوْعَ عَلَيْكَ، لصلاحه، غير أنّه لم يكن يقوم من اللّيل، فحصل لعبد الله رضي الله عنه من ذلك تنبيهٌ على أنّ قيام اللّيل بما يتّقي به النّار والدنوّ منها، فلذلك لم يترك قيام الليل بعد ذلك".
2- وأنّه أفضل صلوات النّوافل.. فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ))..
3- وأنّه كان في أوّل الإسلام مفروضا.. فقد روى مسلم عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟! قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنَ. فَقُلْتُ: أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! فَقَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ:يا أيها المزمل؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا، وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ.
وتنبّه أخي القارئ.. فإنّ هذا الحديث فيه دليل على أنّ من أعظم وسائل الثّبات حال ضعف المسلمين قيام اللّيل، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا مستضعفين بمكّة كما لا يخفى، لذلك قال تعالى في هذه السّورة بعدما أمره بقيام اللّيل: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ) المزمل: ١٠
4- ولذلك أمر به النبيّ صلى الله عليه وسلم أوّل يوم دخل فيه المدينة: روى التّرمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم! فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ! أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)).
5- وهو من أعظم السّبل لشكر الله تعالى: فقد روى البخاري ومسلم عَنِ الْمُغِيرَةِ رضي الله عنه قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ: ((أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا))..
6- أعدّ الله لأهل القيام أطيب المساكن: روى ابن حبّان في "صحيحه" عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
(إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلاَمَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)). ويكفي أنّه:
7- عصمة من الغفلة ومكسب عظيم للأجر: فالغفلة وصف قاتل والعياذ بالله، نهى الله عن الاقتراب من أصحابه فقال: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) الكهف: ٢٨
روى أبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ))..
وما أعظم وصيّة سلمان الفارسيّ رضي الله عنه، فقد روى الطّبرانيّ في "الكبير"-وهو في "صحيح التّرغيب والتّرهيب"- عنه رضي الله عنه قال: (حَافِظُوا عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، فَإِنَّهُنَّ كَفَّارَاتٌ لِهَذِهِ الجِرَاحَاتِ مَا لَمْ تُصَبْ المَقْتَلَةُ، فَإِذَا صَلَّى النَّاسُ العِشَاءَ صَدَرُوا عَنْ ثَلاَثِ مَنَازِلَ: مِنْهُمْ مَنْ عَلَيْهِ
وَلاَ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ وَلاَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ لَهُ وَلاَ عَلَيْهِ:
_فَرَجُلٌ اغْتَنَمَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَغَفْلَةَ النَّاسِ فَرَكِبَ فَرَسَهُ فِي المَعَاصِي، فَذَلِكَ عَلَيْهِ وَلاَ لَهُ.
_وَمَنْ لَهُ وَلاَ عَلَيْهِ فَرَجُلٌ اغْتَنَمَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَغَفْلَةَ النَّاسِ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَذَلِكَ لَهُ وَلاَ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ لاَ لَهُ وَلاَ عَلَيْهِ، فَرَجُلٌ صَلَّى ثُمَّ نَامَ فَلاَ لَهُ وَلاَ عَلَيْهِ).
فكيف بكلّ هذه الفضائل، يؤدّيها المسلم والمسلمة في بيت الله أحسن البلاد، مع جماعة المسلمين أحسن العباد، في شهر من أفضل الشّهور وهو شهر الصّيام؟!.. لا جرم أنْ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم-كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الشّيخين-: ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).
فلئلاّ يفوتك هذا الفضل العظيم، وهذا الثّواب العميم إليك هذه الوصايا والآداب:
الإخلاص في أدائها: لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السّابق: ((إِيمَانًا)) أي: تصديقا بالثّواب المعدّ لها فلا يقصد غيره.
- الاحتساب: وهو الصّبر على أدائها من أجل الأجر المعدّ لها. وقد كان كثير من السّلف يصيبه الجهد من طول القيام، فيوشك أن يجلس فيضرب فخذيه قائلا: "والله لأزاحمنّ بكما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".
التجمّل لها: فهي قربة من القربات، يصدق عليها قول الله (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف: ٣١.
قال ابن القيّم رحمه الله: "كانوا يستحبّون أن يتجمّل الرّجل في صلاته للوقوف بين يدي ربّه، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: أمر الله بقدر زائد على ستر العورة في الصّلاة، وهو أخذ الزّينة، فقال تعالى(خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )، فعلّق الأمر بأخذ الزّينة، لا بستر العورة إيذانا بأنّ العبد ينبغي له أن يلبس أزين ثيابه وأجملها في الصّلاة. وكان لبعض السّلف حلّة بمبلغ عظيم من المال وكان يلبسها وقت الصّلاة ويقول: "ربّي أحقّ مَن تجمّلت له في صلاتي"" اهـ.
ومن التجمّل التسوّك: روى البيهقي في "السّنن الكبرى" عن عليّ رضي الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا تَسَوَّكَ أَحَدُكُمْ ثُمَّ قَامَ يَقْرَأُ طَافَ بِهِ المَلَكُ يَسْتَمِعُ القُرْآنَ، حَتَّى يَجْعَلَ فَاهُ عَلَى فِيهِ، فَلاَ تَخْرُجُ آيَةٌ إِلاَّ فِي فِِـي المَلَكِِ)). ["الصّحيحة"(
ومن ذلك أيضا التعطّر: وقاس العلماء ذلك على صلاة الجمعة، والعلّة الجامعة هو اجتماع النّاس في مكان واحد، فيحسُن بالمسلم ألاّ يُشمّ منه إلاّ أطيب ريح
وليحذر المسلم أن يأتي برائحة الثّوم والبصل ونحوهما ممّا يتأذّى منه بنو آدم، فقد روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ)).
.
الإكثار من الذّكر بين الرّكعات: فإنّ شهر الصّيام شهر التّخلية والتّحلية، شهر التّصفية والتّربية، فشرع الله الصّوم نهارا لتخلية النّفس من أمراضها، وتقليل أدوائها، وشرع القيام لتحلية النّفس بالقرآن وذكر الرّحمن، فلا ينبغي أن يقطع العبد حالة الذّكر الّتي هو عليها بكلام عن الدّنيا وسفاسفها، والاشتغال بمتاعها وحُطامها.
ذكر الله عند كلّ آية رحمة أو عذاب: وهذا من السّنن المهجورة هذا الزّمان.
فقد أخرج مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ البَقَرَةَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ".
ويؤيّد ذلك ما رواه أبو داود والنّسائي وغيرهما عن عوف بن مالك رضي الله عنه قَالَ: "قُمْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ البَقَرَةِ، لاَ يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ وَسَأَلَ، وَلاَ يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلاَّ وَقَفَ وَتَعَوَّذَ ".
وأخرج التّرمذي والحاكم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ ]الرَّحْمَنِ[، مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَسَكَتُوا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُوداً مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ:]فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا
تُكَذِّبَانِ[ قَالُوا: ((وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الحَمْدُ)).
إتمام الصّلاة مع الإمام: روى التّرمذي والنّسائي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ)).<
ويخالف هذا الحديث صنفان من النّاس:
الصّنف الأوّل: من ينصرف قبل الوتر، ظنّا منه أنّ صلاة الوتر آخر اللّيل أفضل! والصّواب أنّ الصّلاة مع جماعة المسلمين أحسن وأقوم، لذلك حرص عمرُ رضي الله عنه على جمع المسلمين على إمام واحد، مع أنّه كان يقول: (وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ).
الصّنف الثّاني: هم الحريصون على التهجّد، فهؤلاء أتعبوا أنفسهم والله وعدهم أجر قيام ليلة بكاملها إن قاموا مع الإمام حتّى ينصرف. وزيادة على ذلك يكونون قد أقاموا جماعة أخرى في المسجد، وفي ذلك تشتيت لجماعة المسلمين، ونحن في أمسّ الحاجة إلى جمع القلوب، وتوحيد الصّفوف.
-اجتناب حمل المصحف لمتابعة الإمام: فإنّه قد شاع هذا الأمر وذاع، حتّى ظُنّ سنّة من سنن المصطفى، والمسلم لم يُكلِّفه الله تعالى بذلك، وإنّما كلِّف بأن يخشع في صلاته، مستمعا للقرآن متدبّرا لآياته، والسنّة أن ينظر المسلم إلى موضع سجوده كما كان يفعل النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخشى ما أخشاه أن يكون المسلم على هذه الهيئة قد تشبّه بأهل الكتاب في صلاتهم، فإنّهم هم الّذين اشتهروا بحمل كتابهم حال صلاتهم
التّسبيح بعد الوتر: فقد روى أبو داود والنّسائي عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ: كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِـ]سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى[، وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ]قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[، وَفِي الثَّالِثَةِ بِـ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[، وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَإِذَا فَرَغَ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ: ((سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ)) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُطِيلُ فِي آخِرِهِنَّ
فنسأل المولى تبارك وتعالى، الإخلاص والسّداد، والهدى والرّشاد، وأن يُجنّبنا سبل الغيّ والفساد، إنّه عليه التّكلان والاعتماد
أمينو الجزائري 14:52 - 07/26
مسائل في عدد ركعات التراويح
للإمام ابن باز رحمه الله
• يقول السائل :
ما هي السنة في عدد ركعات التراويح؟ وهل الأفضل أن يصلي المسلم إحدى عشرة ركعة أم ثلاث عشرة ركعة ؟ وهل من الأفضل التنويع في أيام وليالي شهر رمضان المبارك أم الاكتفاء بصورة واحدة ؟ وما رأيكم أحسن الله إليكم في من يزيد على ذلك بحيث يصلي ثلاث وعشرين أو أكثر أو أقل ؟
• أجاب سماحة الشيخ رحمه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد..
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على التوسعة في صلاة الليل وعدم التحديد بركعات معينة، وأن السنة أن يصلي المؤمن وهكذا المؤمنة مثنى مثنى، يسلم من كل اثنتين، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى)).
فقوله صلى الله عليه وسلم ((مثنى مثنى)) بمعنى الأمر ـ خبر بمعنى الأمر ـ أي صلوا في الليل مثنى مثنى، ومعنى مثنى مثنى: يسلم من كل اثنتين، ثم يختم بواحدة وهي الوتر، وهكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام؛ فإنه كان يصلي من الليل مثنى مثنى ثم يوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، كما قالت ذلك عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ وابن عباس وجماعة، فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي من الليل عشر ركعات، يسلم من كل اثنتين ثم يوتر بواحدة، وقالت رضي الله عنها أيضاً في الصحيحين: ((مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا..)).
وقد ظن بعض الناس أن هذه الأربع تؤدى بسلام واحد، وليس الأمر كذلك؛ وإنما مرادها أنه يسلم من كل اثنتين كما في روايتها السابقة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى)) ولما ثبت أيضاً في الصحيح من حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام كان يسلم من كل اثنتين.
وفي قولها رضي الله تعالى عنها: ((مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً)) ما يدل على أن الأفضل في صلاة الليل في رمضان وفي غيره إحدى عشرة، يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة، هذا هو الأفضل.
وثبت عنها رضي الله عنها وعن غيرها أيضاً أنه ربما صلى ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام، هذا أفضل ما ورد، وهذا أصح ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام: الإيتاء بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة، والأفضل إحدى عشرة، وإن أوتر بثلاث عشرة فهو أيضاً سنة وحسن.
وهذا العدد أرفق بالناس، وأعظم للإمام على الخشوع في ركوعه وسجوده وقراءته، وفي ترتيل القراءة وتدبرها، وفي عدم العجلة في كل شيء.
وإن أوتر بثلاث وعشرين كما فعل ذلك عمر والصحابة رضي الله عنهم في بعض الليالي من رمضان فلا بأس، فالأمر واسع، وثبت عن عمر والصحابة أيضاً أنهم أوتروا بإحدى عشرة، كما في حديث عائشة، فقد ثبت عن عمر هذا وهذا، ثبت عنه رضي الله عنه أنه أمر من عين من الصحابة أن يصلي إحدى عشرة، وثبت عنهم أنهم صلوا بأمره ثلاث وعشرين، وهذا يدل على التوسعة في هذا، وأن الأمر عند الصحابة واسع، كما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: ((صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى)) ولكن الأفضل من حيث فعله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، وسبق ما يدل على أن إحدى عشرة أفضل لقول عائشة رضي الله عنها: ((مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً)) يعني غالباً، ولهذا ثبت عنها أنه صلى ثلاث عشرة وثبت عن غيرها، فدل ذلك أن هذا هو الأغلب، وهي تطلع على ما كان يفعله عندها وتسأل أيضاً فإنها كانت أفقه النساء وأعلم النساء بسنة الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تخبره عما يفعله عندها وعما تشاهده وتسأل غيرها من أمهات المؤمنين ومن الصحابة، وتحرص على العلم، ولهذا حفظت علماً عظيماً وأحاديث كثيرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، بسبب حفظها العظيم وسؤالها غيرها من الصحابة عما حفظوا رضي الله عن الجميع.
وإذا نوّع؛ فصلى في بعض الليالي إحدى عشرة، وفي بعضها ثلاث عشرة فلا حرج والجميع سنة، ولكن لا يجوز أن يصلي أربعاً جميعاً، بل السنة والواجب أن يصلي ثنتين ثنتين لقول عليه الصلاة والسلام: ((صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى)) وهذا خبرٌ معناه الأمر.
ولو أوتر بخمس جميعاً أو بثلاث جميعاً بجلسة واحدة فلا بأس، فعله النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لا يصلي أربعاً جميعاً أو ستاً جميعاً أو ثمان جميعاً لأن هذا لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم، ولأنه خلاف الأمر في قوله: ((((صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى)) ولو سرد سبعاً أو تسعاً فلا بأس، ولكن الأفضل أن يجلس السادسة للتشهد الأول أو في الثامنة للتشهد الأول ثم يقوم يكمل، كلها قد ورد عنه عليه الصلاة والسلام، يجلس في الثامنة ثم يقوم قبل أن يسلم ثم يأتي بالتاسعة، وهكذا في السادسة من السبع إذا سردها، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه سرد سبعاً ولم يجلس، الأمر واسع في هذا.
• يستفسر السائل قائلاً:
وإذا كانت إحدى عشرة ركعة وجلس في العاشرة مثلاً ؟
• يوضح الشيخ ـ رحمه الله ـ قائلاً:
ما أعلم أنه ورد في هذا شيء، ….والذي بلغني وعلمت أنه سرد سبعاً وسرد تسعاً، وجلس في بعض المرات في السادسة ثم قام ولم يسلم ثم أتى بالسابعة، أما التسع فجلس في الثامنة ولم يسلم ثم قام و أتى بالتاسعة، أما إحدى عشرة فلا أذكر أنه سردها في أي شيء من الأحاديث عليه الصلاة والسلام، والحجة في هذا الرواية؛ متى ثبت شيء من الطرق أنه سردها جاز ذلك.
• يستفسر السائل قائلاً:
أحسن الله إليكم؛ لكن بالنسبة للأئمة، قد يشق الآن على المصلين أن يتابعوا؛ لأن هنالك من يريد أن يذهب لا يكمل..؟
• يوضح الشيخ ـ رحمه الله ـ قائلاً:
لا؛ الأفضل مثل ما تقدم، الأفضل يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، كما تقدم في حديث ابن عمر: ((صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى))، هذا هو الأفضل، وهو الأرفق بالناس أيضاً، لأن بعض الناس قد يكون له حاجات يحب أن يذهب بعد ركعتين أو بعد صلاة تسليمتين أو بعد صلاة ثلاث تسليمات، فالأفضل والأولى بالإمام أن يصلي ثنتين ثنتين، ولا يسرد خمساً أو سبعاً، وإذا فعل بعض الأحيان لبيان السنة فلا بأس في ذلك، والله ولي التوفيق.
• يستفسر السائل قائلاً:
أحسن الله إليك؛ إذا أراد أن يكون في الوتر مع ركعتي الشفع أن يصلي كصلاة المغرب هل ذلك مشروع ؟
• يوضح الشيخ ـ رحمه الله ـ قائلاً:
لا؛ ما ينبغي، أقل حالة الكراهة، لأنه ورد النهي عن تشبيهها بالمغرب، فيسردها سرداً ثلاثاً في سلام واحد وجلسة واحدة بدون جلوس بعد الثانية.
• يستفسر السائل قائلاً:
أحسن الله إليك؛ وهل الآن الأفضل في رأيكم التنويع أم الاقتصار ـ بالنسبة للأئمة ـ على إحدى عشرة ركعة ؟
• يوضح الشيخ ـ رحمه الله ـ قائلاً:
أنا لا أعلم بأساً في هذا، لو صلى في بعض الليالي إحدى عشرة وفي بعضها ثلاث عشرة ما فيه شيء، ولو زاد فلا بأس، الأمر واسع في صلاة الليل، لكن إذا اقتصر على إحدى عشرة لتثبيت السنة ولإعلام