قال الله تعالى(إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)أرسل الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم, رحمة للعالمين؛ ليجمع على الإيمان قلوب المؤمنين، ويزيل من قلوبهم كل أسباب الشحناء، ويطهر نفوسهم من كل أسباب البغضاء، ليكونوا إخواناّ متحابين، قال تعالى(وأصلحوا ذات بينكم ) أي أصلحوا ما بينكم من أحوال الشقاق والافتراق حتى تكون بينهم محبة واتفاق, تعرض الأعمال في كل يوم خميس وإثنين فيغفر الله ,عز وجل ,في ذلك لكل عبد لا يشرك بالله شيئاّ إلا رجلاّ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال, أنظروا هذين حتى يصطلحا),ولقد اهتم الإسلام بإصلاح ذات البين حفاظاّ على وحدة المسلمين، وسلامة قلوبهم، وإن الإصلاح يعتبر من أعظم وأجل الطاعات، وأفضل الصدقات، فالمصلح بين الناس له أجر عظيم، وثواب كريم، إذا كان يبتغي بذلك مرضاة الله تعالى، فأجره يفوق ما يناله الصائم القائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا, بلى، قال, إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة) ومعنى الحالقة, أي تحلق الدين,والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة, ولأهمية الإصلاح بين الناس رخص فيه الكذب، وذلك إذا كان سبيلاّ للإصلاح ولا سبيل سواه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراّ أو يقول خيراّ)ويرخص الكذب في ثلاث, الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته ,وحديث المرأة زوجها، فأما الكذب في الحرب فإن الحرب خدعة، ومن ثم فإن الأمر يستدعي التمويه على الأعداء، ويتحدث بما يقوي به أصحابه ويكيد به عدوه مثل أن يقول جيش المسلمين كبير وجاءهم مدد كثير,وأما الكذب في الإصلاح بين الناس، فمثل أن يحاول المصلح تبرير أعمال كل من المتخاصمين وأقوالهما بما يحقق التقارب، ويزيل أسباب الشقاق والخلاف، وأحيانا ينفي بعض أقوالهما السيئة فيما بينهما، وينسب إلى كل منهما من الأقوال الحسنة في حق صاحبه مما لم يقله مثل أن يقول, فلان يسلم عليك ويحبك، وما يقول فيك إلا خيراّ ، وأما الكذب بين الزوجين، والمراد بالكذب في حق المرأة والرجل, فمثلاّ لكل واحد منهما أن يخاطب الآخر بمعسول القول ما يزيد الحب، ويسر النفس،وإن كان ما يقال كذباّ، وكذب الرجل على زوجته مثل أن يعدها ويمنيها ويظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه؛ ليستديم بذلك صحبتها، ويصلح بها خلقها,إن أطيب حياة يعيشها المؤمن والمؤمنة في هذه الدنيا، حينما يكون مراقباّ لله ,فأصلح,ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس، واحذر أسباب الشحناء والبغضاء،وإذا جاء إليك أخوك معتذراّ فأقبل معذرته ببشر وطلاقة؛ بل ينبغي أن تسعى أنت إلى إنهاء الشحناء وإن كان لك الحق، وقال الحسن بن علي ,رضي الله عنهما , لو أن رجلاّ شتمني في أذني هذه واعتذر إلي في أذني الأخرى لقبلت عذره,وإذا علمت أن بين اثنين من إخوانك أو قرابتك أو أرحامك أو أصحابك أو جيرانك شحناء أو قطيعة، فعليك أن تبذل وسعك في الإصلاح بينهما، فالصلح خير وذلك رحمة بهما وطمعاّ في فضل الله ورحمته ,لقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فلقد كان يسعى بنفسه للصلح بين المتشاحنين مؤكداّ بذلك أهمية الإصلاح بين الإخوة المؤمنين،