استعاد الجيش المصري من خلال محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك بعضا من ثقة الشعب فيه التي اهتزت في الآونة الأخير بسبب تأخر محاسبة رموز النظام السابق. لكن الجيش بتقديمه مبارك إلى المحاكمة يخاطر أيضا بتعريض نفسه لضغوط أكبر من الشارع.
وكان مصريون كثر يشكون حتى صباح أمس في أن يمثل مبارك حقا أمام المحكمة في مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة.
فقد كان هؤلاء يعتقدون أن المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة -الذي يحكم مصر منذ فبراير/شباط الثاني الماضي- لن يسمح بتقديم قائد عسكري سابق, أو أي فرد من المجلس إلى المحاكمة.
لكن ظهور مبارك في المحكمة جعل المصريين يشعرون بأن المجلس العسكري يستجيب لمطالب الثورة, وإن كان ذلك على مضض, وتحت ضغط الشارع.
استعادة ثقة الشعب
وتجلى هذا الشعور في ردود فعل الشارع والقوى السياسية. وفي هذا الإطار, قال سعد الكتاتني -أمين عام حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين- إن محاكمة مبارك "بثت الطمأنينة في نفوس الشعب المصري بأن العدالة تأخذ مجراها, وإنه لن يفلت مجرم بجريمته مهما كان منصبه".
الكتاتني قال إن الاستمرار في هذا النهج سيعزز الثقة بين الشعب والجيش (الجزيرة)
ورأى الكتاتني أن "الاستمرار في هذا النهج كفيل بمد جسور قوية من الثقة بين الشعب والسلطة الحاكمة (الجيش) في مصر خلال هذه الفترة، وهي ثقة يجب الدفع في اتجاه ترسيخها لأنها ستكون بوابة للبدء بمرحلة البناء والتنمية".
أما عماد جاد -الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- فاعتبر من جهته أن محاكمة الرئيس السابق هي أول إشارة إلى أن المجلس العسكري يتعامل مع ما حدث في مصر على أنه ثورة.
وحسب قول جاد فإن المجلس العسكري كان يتعامل مع الثورة حتى قبل محاكمة مبارك على أنها حركة إصلاح فقط.
ويتفق معه المحلل السياسي عمرو الشوبكي الذي قال إنه يعتقد أن المحاكمة ستعيد المصداقية للمجلس العسكري لأنه كان يتجاهل مطلب محاكمة مبارك.
وقال إنه كان مقتنعا قبل بدء محاكمة مبارك, بأن الأمر مجرد تمثيلية. وبالنسبة إلى الشوبكي فإن محاكمة الرئيس المصري السابق "خطوة إيجابية لكنها لم تحل المشكلات الكبيرة القائمة المتعلقة بإدارة المرحلة الانتقالية, وإصلاح وزارة الداخلية, وتدعيم استقلال القضاء".
وحسب رأي الشوبكي, فإن أمام المجلس العسكري مهمة رئيسة هي حماية الدولة المدنية والتوافق على أسسه