هناك بعض الفئات من اليهود التي تعارض قيام دولة "إسرائيل" و يعتبرون ذلك كفر كما سبق و أن أشرنا لكن هذه الفئة و للأسف تبقى فئة صغيرة لا يمكن مقارنتها مع الأغلبية الساحق من اليهود التي تقابلها. فإذا ما إستشنينا هذه الفئة الهامشية سنجد أن خدعة التفريق بين الصهيوني و اليهودي لا تقوم على أي أساس لأن الصهيونية و لو أن مؤسسيها علمانيون فإنها إنطلقت من المقدس في التوراة و التلمود (الملفقين) و كتابات الحاخامات و تراث يهود القبالاه. و هذا المقدس مشترك عند اليهود جميعا، و بالتالي فأحلام العودة إلى أرض الميعاد و الإعتقاد بشعب الله المختار و الحقد على بقية الشعوب و إستحلال دمائهم و أعراضهم، و الحنين إلى فلسطين و إلى جبل صهيون، و إلى الهيكل، و حائط "المبكى"، و لم الشتات و بقية الخرافات ... كل هذه من توابث العقيدة اليهودية (المحرفة) فالتوراة عبارة عن كتاب في الجغرافية السياسية و الجغرافية الدينية" لأن فلسطين حاضرة فيها و في الكتابات التوراتية بشكل مركزي، و لا يمكن ليهودي مؤمن بعقيدته يقرأ التوراة و التلود صباح مساء، إلا أن أن يتشبت بهذه التوابث، و بالتالي و إنطلاقا من هذا المنطلق هل يجوز ليهودي مخلص أو غير مخلص محب أو غير محب متدين أو غير متدين، أن يرفض المشروع الإستيطاني الذي بني بإحكام و مهارة على أساس من هذه المعتقدات مع فارق بسيط هو أن العلماني يوظفها بطريقة إنتهازية و أن المتدين يطبقها بطريقة تنسجم فيها عقليته مع عقيدته، ثم كلنا يعلم الخلاف الذي ظهرفي مؤتمر بال سنة 1897 ما بين الفريق الذي عارض قيام دولة "إسرائل" خوفا على مصالح اليهود أن تضرب في العالم لكنه في النهاية أُقنع المتخوفون أن تخوفهم في غير محله و بهذا إتفقوا على قيام دولة محتلة سموها بـ "إسرائيل" و كان السبب الذي إقتنعت من خلاله الجماعات المعارضة هو أن الصهيونية ستسوق عبر أداتها الجهنمية و هي الإعلام فكرة التمييز بين اليهودي و بين الصهيوني بحيث لا يخشى على اليهود في الخارج من أن يمسوا أو أن تضرب مصالحهم، و أن يبقوا دائما مددا لدولتهم اللاشرعية و شريانا لها (مع إستثناء بعض السكان الأصليين اليهود الذي لا علاقة لهم مع الكيان الغاصب). و للأسف هذه الخدعة إنطبقت على الكثير منا. فإذا أخدنا كمثال اليهود المغاربة الهاجروا إلى فلسطين (للأسف تُركوا) فمنهم أمازيغ أقحاح و لا علاقة لهم بالحركة الصهيونية بإعتبارها نزعة فلسفية قومية و لا علاقة لهم بالثقافة الغربية و إنما سيقوا إلى فلسطين بإغراءات دينية محضة و هم الآن من أشد الصهاينة عداوة و حقدا على الفلسطينيين المجاهدين. و كذلك الشأن ينطبق على مئات و ألوف اليهود الروس و البولونيين و اليمنيين و الفلاشا ... فهؤلاء أجناس و أقوام و لغات و عادات و تقاليد مختلفة إجتدبتهم الصهيونية من ثقافتهم الدينية. إذن فإذا كانت الثقافة الدينية هو أساس الفكر الصهيوني، فكيف يستطيع الفرد أن يميز بين الصهيونية و اليهودية؟ (طبعا هناك بعض الإستثناءات لكن قليلة لا يمكن البناء عليها).