شرح الموضوع الثاني :
[ أنه صلى الله عليه وسلم لما قام ينذرهم عن الشرك ، ويأمرهم بضده وهو التوحيد لم يكرهوا ذلك واستحسنوه ، وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه ، إلى أن صرح لهم بسب دينهم وتجهيل علمائهم ، فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة ] : وقالوا : سفه أحلامنا ، وأعاب ديننا ، وشتم آلهتنا ، ومعلوم أنهr لم يشتم عيسى وكان أمه ، ولا الملائكة ، ولا الصالحين ، لكن لما ذكر لهم أنهم لا يدعون ولا ينفعون ولا يضرون ، جعلوا ذلك شتماً .
فإذا عرفت هذه المسألة ، عرفت أن الإنسان لا يستقيم لـه دين ولا إسلام - ولو وحد الله وترك الشرك - إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء ، كما قال تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ . . .الآية) .
فإذا فهمت هذه فهماً حسنا جيداً ، عرفت أن الكثير من الذين يّدعون الدين لا يعرفونها ، وإلا فمــا الذي حمل المسلمين على الصّبر على ذلك العذاب والأسر والضرب والهجرة إلى الحبشة ؟ مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الناس ، ولم يجد لهم رخصة،ولو وجد رخصة لأرخص لهم ، كيف وقد أنزل الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) فإذا كانت هذه الآية فيمن وافقهم بلسانه إذا أوذوا في الله إذاً، فكيف بغير ذلك ؟!