أطلقنا جميعا صرخة من أعماق القلب والقرعة توجه الفريق الوطني إلى المجموعة التي كان يقف في صدارتها منتخب الكوت ديفوار الذي يضعه الترتيب الحالي للفيفا ويضعه إنتظام نتائجه على المسرحين العالمي والإفريقي في صدارة المنتخبات الإفريقية..
صرخة دهشة، أم صرخة ألم، أم صرخة إستغاثة، أم هي صرخة ندم؟
من أول وهلة، ومن اللحظة التي إعتمد فيها الإتحاد الإفريقي لكرة القدم نظام توزيع المنتخبات 28 المعفاة من الدور التمهيدي لتصفيات كأس العالم 2014 بناء على ما أفرزه آخر تصنيف صادر عن الفيفا والذي فوض بحكم مرتبة الفريق الوطني الثانية عشرة أن يتواجد في القبعة الثانية، توقعنا أن يقع الفريق الوطني في مجموعة قوية، ولكن أن نذهب رأسًا إلى مجموعة يقف على بوابتها الفيل الإيفواري فذاك ما جعل الصرخة تخرج من الصدور متوجعة ومتوجسة وساخنة، فعلى الورق وبتحليل سريع لموازين القوة كان حظنا سيكون أحسن لو واجهنا منتخبا غير الكوت ديفوار، فبين العشرة الذين صنفهم الإتحاد الإفريقي في القبعة الأولى، كانت هناك منتخبات لا تمثل للفريق الوطني شبحا مخيفًا، إذ برغم وجودها في هذه القبعة إلا أنها تعيش حالة من إعادة البناء وقد يكون منتخب مصر الحاصل على لقب آخر ثلاث نسخ لكأس إفريقيا للأمم والمصنف عالميا في المرتبة 34 والمقصي مبدئيا من دورة 2012 أوضح مثال على ذلك..
ولكن، هل نقبر أمالنا ونذبح أحلامنا بالعودة مجددًا إلى مسرح المونديال لمجرد أن القرعة وضعتنا إلى جانب أصدقاء دروغبا ويحيى توري؟
أتصور أن وجود خصم من عيار كوت ديفوار بما يمثله جيله الذهبي اليوم من قوة دفع رهيبة لا يمكن إلا أن يحفزنا على أمرين إثنين، أولهما أن نركز جيدا على كل المباريات فلا نسثني أحدًا من منافسينا الثلاثة داخل مجموعة يصطلح عليها بمجموعة الموت، بمعنى أن نتحضر ذهنيا وبدنيا وتكتيكيا لهذا الفاصل الإقصائي الساخن بحواجزه الستة، وثانيهما أن نستحضر جيدا خصوصيات راهن الفريق الوطني الذي يعاد تركيبه وفق مقاربات جديدة، والراهن يفرض بداية أن نتوجه بكامل تركيزنا إلى مباراة بانغي أمام إفريقيا الوسطى، فليس هناك أفضل من الحضور بقوة في الأدوار النهائية لكأس إفريقيا للأمم مطلع العام القادم لنقدم أنفسنا لكل منافسينا على البطاقة الوحيدة المؤهلة لآخر دور إقصائي لكأس العالم بصورة تحرض على تغيير ما تداعى من صور بئيسة عن الفريق الوطني جراء ما عاشه من سقطات في الأربع سنوات الأخيرة.
وأنا مع الناخب الوطني إيريك غيرتس عندما قال أن منتخب كوت ديفوار لا يخيفنا، فنحن نحترمه ونقدر ما يملكه من كفاءات عالية وأيضا نحترم رغبته في أن يحقق حضوره الثالث على التوالي في نهائيات كأس العالم، ولا هذا ولا ذاك يمكن أن يثني الفريق الوطني عن المضي قدما في كسب الرهانات الواحد بعد الآخر، والرهان الأول الذي هو على أمد قصير أن يستعيد الفريق الوطني مكانته بين كبار القارة بالحضور في دورة كأس إفريقيا للأمم بالغابون وغينيا الإستوائية، أما الرهان الثاني الذي هو على أمد متوسط هو أن يبصم الفريق الوطني بعد عبور حاجز إفريقيا الوسطى طبعا على كأس أممية رائعة تمهيدا لدخول رهان ثالث يكون فيه حلمنا جميعا هو الوصول لخامس مرة إلى المونديال، وكم سيكون الحضور الخامس أنطولوجيا وتاريخيا، ما دام أن المونديال القادم سيجرى ببرازيل السحر والإمتاع..
قطعا، لن ننال تأهلنا للمونديال بالتمني كما لم ننله كذلك في أي مرة من المرات الأربع التي سجلنا فيها حضورنا بكأس العالم، فهناك جهد خارق لا بد وأن يبذل من الجميع، لأن الوصول إلى مونديال السحر شيء لا يستحقه إلا الكبار..
--------------------
لا أعرف ما الذي يمكن أن نحتفظ به من المباراة الأنطولوجية التي قدمها فرسان الوداد بأريحية كبيرة أمام مولودية الجزائر مساء السبت الماضي عن ثاني جولات دور مجموعات عصبة الأبطال؟
هل هذا السعار الجنوني الذي تملك لاعبي الوداد فعضوا بالنواجذ على فرصتهم لصياغة فوز ملحمي ذكر الكل بذاك اللقاء الرائع الذي قدمه أسود الأطلس أمام ثعالب الجزائر بمراكش، أم الحادث الذي سحب غمامات القلق ويوسف القديوي القادم الجديد لقلعة الوداد يرغد ويزبد لحظة إختياره للخضوع للكشف عن المنشطات؟
طبعًا، نحتفظ في زوايا الأمل والحلم بالفوز الكبير وأيضا بالمباراة الرائعة للوداد أمام مولودية الجزائر، وقد كانت بصورة تطابق الأصل الملحمي الذي كانت عليه مباراة القاهرة أمام الأهلي قبل أسبوعين، مباراة بكل تفاصيلها وجزئياتها قبل حصتها التاريخية تقول أن اللاعب المغربي كلما طابق إمكاناته الذهنية والتقنية مع المضمون التكتيكي لكل مباراة يلعبها إلا وأبدع وأمتع وصدر عن نفسه للآخرين صورة هلامية..
وإذا كان الوداد الذي سجل 7 أهداف في مبارتين وهو ما لم يستطعه أي من الفرق السبعة الأخرى المتنافسة في دور المجموعتين، قد بلغ بكامل الجدارة النقطة الرابعة من مقابلتين، فإنه سيكون من اليوم مواجها بضرورة أن يحتفظ بتدرج الأداء الجماعي وبرباطة الجأش وقوة البديهة ليحضر نفسه بأفضل صورة لمباراة أتصور أنها ستكون مفصلية أمام الترجي الرياضي التونسي بعد أسبوعين من الآن بالدارالبيضاء .
وتحتم معرفتنا اليقينية بالأندية التونسية وبخاصة الترجي الرياضي أن يتخلص فريق الوداد من كل وشاحات الإعجاب التي علقت على أكتاف لاعبيه بعد مباراتي الأهلي ومولودية الجزائر ليكون التركيز قويًا وكاملاً على مباراة نتمنى أن يحصل الوداد على نقاطها كاملة لينهي مرحلة الذهاب التي سيلعب مبارتين فيها بمركب محمد الخامس بأفضل صورة.
أما ما كان من قضية يوسف قديوي بكل تداعياتها وتبعاتها فإنها تعيد بحسب رأيي تسليط الضوء على ظواهر قاتلة لطالما حذر الأطباء وحذرنا نحن من خطورة استمرارها، بل وندفع إلى التعجيل بوضع آليات للمراقبة تعمم على كل مباريات البطولة الوطنية فلا يستثنى منها أحد، لأنه من التجني على مواهب كثيرة وعلى أجيال قادمة وعلى بطولة تنشد الإحترافية أن نستمر في التستر على أرقام ومعطيات وإحصائيات مزعجة لعدد المتعاطين للمنشطات بمختلف صنوفها وفي عدم الإصغاء لتنبيهات صادرة عن الأطباء الرياضيين، فما أكثر ما تعشش المنشطات المحظورة وغير المحظورة، التي يعي اللاعب بخطورتها أو لا يضعها حتى في قائمة المحظورات في أنديتنا من دون أن تتحرك الوزارة والجامعات واللجنة الأولمبية لمناهضتها بالزجر حينا وبالتوعية حينا أخر..
---------------------
نعم.. النقطة التي تحصل عليها المغرب الفاسي بالكونغو أمام موتيما غالية وثمينة.. ثمينة لأنها تحققت للنمور الصفر أمام فريق قاتل بضراوة وكان بسخاء لا محدود هجوميا، بدليل أنه نجح في خلق أفضلية هجومية باختراقاته وبناءاته.. وثمينة أيضا لأنها تأتي في هذه المرحلة، حيث تكون أغلب فرقنا في مرحلة بناء المخزون البدني والطاقي والتنافسي، ولو أن المغرب الفاسي كان في شوط المباراة الثاني بصورة رائعة، بدليل أنه سجل هدف التعادل، بل وأضاع أهداف الضربة القاضية.. وتلك النقطة الغالية يعود الفضل الكبير فيها للحارس أنس الزنيتي الذي قدم بحسب رأيي مردودًا فنيا ومهاريا يعطيه نقاطا كثيرة في بورصة القيم، إنها مباراة بكل بساطة تدعو غيرتس الناخب الوطني لأن يعطيه فرصته داخل الفريق الوطني.