المعتصم بالله مشرف القسم
الجنس : عدد المساهمات : 224 ــــــــعمر العضو(ه)ـــــــ : 34
| موضوع: 5 وقفات رمضانية ,, الوقفة الأولى الإثنين أغسطس 08 2011, 13:30 | |
| غاية الصيام: أولاً: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة]. إن الغاية الأولى من الصيام هي إعداد القلوب للتقوى والخشية من الله تعالى، والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، فهي غاية تتطلع إليها النفوس اليقظة، وهذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصل إليها. فالدين لا يقود الناس بالسلاسل إلى الطاعات، إنما يقودهم بالتقوى، وهذا الدين دين الله لا دين الناس، وإذا حدث أن فسد الناس في جيل من الأجيال فإن صلاحهم لا يتأتى من طريق التشدد في الأحكام، ولكن يتأتى من طريق إصلاح تربيتهم وقلوبهم واستحياء شعور التقوى في أرواحهم.
إذا المرء لم يترك طعاماً يحبه *** ولم ينه قلباً غاوياً حيث يمّما فيوشك أن تلقى له الدهر سبة *** إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
الصوم يصنع الإنسان صناعة جديدة تخرجه من ذات نفسه وتكسر القالب الأرضي الذي صُبّ فيه، فإذا هو غير هذا الإنسان الضيق المنحصر في جسمه ودواعي جسده فلا تغره الدنيا ولا يمسكه الزمان ولا تخضعه المادة، ولهذا كان من الطبيعي جداً أن يفرض الصوم على الأمة التي فرض عليها الجهاد في سبيل الله لتقرير منهجه في الأرض وللقوامة على البشرية.
قال الله تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [(112) سورة التوبة]، قال ابن عباس: كل ما ذكر الله في القرآن السياحة: هم الصائمون.
إن الله غني عن تجويع القوم، فافهم من الخلوف معنى الصوم، فأنت المراد من هذا الكون. فكم من ملائكة كرام ما ذاقوا طعاماً ولا شربوا شراباً ليس لهم مرتبة ((ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك)).
ليس الصوم صوم جماعة الطغام عن الجماع والطعام، إنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام، وصمت اللسان عن فضول الكلام، وغض العين عن النظر إلى الحرام، وكفُّ الكفِّ عن أخذ الحطام، ومنع الأقدام عن قبيح الإقدام.
جاعوا بالنهار وما يفهمون كيف صاموا، وشبعوا بالليل فناموا وما قاموا، قال الإمام أحمد: لا رياء في الصوم.
إن الإخلاص هو محور دعوات الرسل، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} [(2) سورة الزمر]، وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} [(11) سورة الزمر].
قال بعضهم: نفاق المنافقين صيّر المسجد مزبلة – لا تقم فيه أبداً – وإخلاص المخلصين رفع قدر الوسخ – رب أشعث أغبر –.
لما أخذ دود القز ينسج أقبلت العنكبوت تتشبه وقالت: لك نسج ولي نسج فقالت دودة القز: ولكن نسجي أردية بنات الملوك، ونسجك شبكة الذباب، وعند مس النسجين يبين الفرق.
إن الأمة أحوج ما تكون إلى إخلاص أبنائها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم)) [رواه النسائي بسند صحيح].
ومن هنا تأتي أهمية الصوم ومعناه الكبير! إذ كل عبادة سواه قد يدخلها الرياء وإرادة وجه المخلوقين حتى الصلاة خير الأعمال قد يدخلها الرياء.
لا شك أن العبد يشعر بألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن حال الصيام، وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه كما قال الله تعالى في المجاهدين: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [(120) سورة التوبة].
قال بعض السلف: صم الدنيا واجعل فطرك الموت، الدنيا كلها شهر رمضان، المتقون يصومون فيه عن الشهوات المحرمات فإذا جاءهم الموت فقد انقضى شهر صيامهم واستهلوا عيد فطرهم.
من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها بعد مماته، ومن تعجل ما حرّم عليه قبل وفاته عوقب بحرمانه في الآخرة وفواته، شاهد ذلك قول الله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا} [(20) سورة الأحقاف].
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه بقدوم رمضان أخرج الإمام أحمد والنسائي بسند صحيح، عن أبي قلابة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه: ((قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم)).
قال ابن رجب - رحمه الله -: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان، كيف لا يُبشّر المؤمن بفتح أبواب الجنة، كيف لا يُبشّر المذنب بغلق أبواب النيران، كيف لا يُبشّر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين. من رحم في رمضان فهو المرحوم، ومن حرم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو ملوم.
أتي رمضان مزرعة العباد *** لتطهير القلوب من الفساد فأدِ حقوقــه قولاً وفعلاً *** وزادك فاتخـذه إلى المعاد فمن زرع الحبوب وما سقاها *** تأوّه نادماً يوم الحصاد
كم ممن أمّل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار إلى ظلمة القبر، كم من مستقبل يوماً لا يستكمله، ومؤمل غداً لا يدركه.
فهلّم يا باغي الخير إلى شهر يضاعف فيه الأجر للأعمال، وهلّم يا باغي الخير إلى شهر العتق من النيران، إلى شهر ليلة القدر، إلى شهر الدعاء، إلى شهر مضاعفة الحسنات.
في كـــل عام لنا لقيا محببة *** يهتز كــل كياني حين ألقاه بالعين والقلب بالآذان أرقبــه *** وكيف لا وأنا بالروح أحيـاه والليل تحلو به اللقيا وإن قصرت *** ساعاتهـا ما أُحيلاه وأحلاه فنوره يجعل الليل البهيم ضحىً *** فما أجــلّ وما أحلى محياه ألقــاه شهراً ولكن في نهايته *** يمضي كطيف خيال قد لمحناه في موسم الطهر في رمضان الخير *** تجمعنا محبة الله لا مالٌ ولا جاه صامـوه قامـوه إيماناً ومحتسباً *** أحيوه طوعاً وما في الخير إكراه وكلهم بات بالقـــرآن مندمجاً *** كأنه الــــدم يسري في خلاياه فالأذن سامعة والعيـــن دامعة *** والـــروح خاشعة والقلب أوّاه | |
|
المحارب الاسطوري عضو مشارك
الجنس : عدد المساهمات : 219 ــــــــعمر العضو(ه)ـــــــ : 30
| موضوع: رد: 5 وقفات رمضانية ,, الوقفة الأولى الثلاثاء أغسطس 09 2011, 13:45 | |
| بارك الله فيك على الموضوع الرائع | |
|
redtiger المشرف العام
الجنس : عدد المساهمات : 685 ــــــــعمر العضو(ه)ـــــــ : 35
| موضوع: رد: 5 وقفات رمضانية ,, الوقفة الأولى الأربعاء أغسطس 10 2011, 03:37 | |
| | |
|